mizo mizo
عدد المساهمات : 494 نقاط : 1047 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 29/08/2009
| موضوع: ما هو هدف صومك؟! الخميس نوفمبر 05, 2009 1:29 pm | |
| بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
لماذا نصوم؟ ما و هدفنا من الصوم؟ لأنه بناء علي هدف الإنسان، تتحدد وسيلته. وأيضاً بناء علي الهدف تكون النتيجة.
هل نحن نصوم، لمجرد أن الطقس هكذا؟
لمجرد أنه ورد في القطمارس، أو التقويم (النتيجة)، أن الصوم قد بدأ، أو قد أعلنت الكنيسة هذا الأمر؟ إذن فالعامل القلبي الجواني غير متكامل.. طبعاً طاعة الكنيسة أمر لازم، وطاعة الوصية أمر لازم. ولكننا حينما نطيع الوصية، ينبغي أن نطيعها في روحانية وليس في سطحية.. وان كانت الكنيسة قد رتبت لنا هذا الصوم، فقد رتبته من أجل العمق الروحي الذي فيه. فما هو هذا العمق الروحي؟؟ وما هدفنا من الصوم؟
هل هدفنا هو مجرد حرمان الجسد وإذلاله
في الواقع إن الحرمان الجسد ليس فضيلة في ذاته، إنما هو مجرد وسيلة لفضيلة وهي أن تأخذ الروح مجالها. فهل نقتصر علي الوسيلة، أم ندخل في الهدف منها وهو إعطاء الروح مجالها؟… ما أكثر الأهداف الخاطئة التي تقف أمام الإنسان في صومه!
فقد يصوم البعض لمجرد أن يرضي عن نفسه.
لكي يشعر أنه إنسان بار، يسلك في الوسائط الروحية، ولا يقصر في أية وصية… أو قد يصوم لكي ينال مديحاً من الناس في صومه، أو في درجة صومه.. وهكذا يدخل في مجال المجد الباطل، أي يدخل في خطية! ما هو إذن الهدف السليم من الصوم؟
الهدف السليم أننا نصوم من أجل محبتنا لله.
من أجل محبتنا، نريد أن تكون أرواحنا ملتصقة بالله. ولا نشاء أن تكون أجسادنا عائقاً في طريق الروح. لذلك نخضعها بالصوم لكي تتمشي مع الروح في عملها. وهكذا نود في الصوم، أن نرتفع عن المستوي المادي وعن المستوي الجسداني، لكي نحيا في الروح، ولكي تكون هناك فرصه لأرواحنا البشرية أن تشترك في العمل مع روح الله، وان تتمتع بمحبة الله وبعشرته. حقاً إن التمتع بمحبة الله وحلاوة عشرته، من المفروض أن يكون أسلوب الحياة كلها. ولكن لا ننسي أننا ننال ذلك بصورة مركزه في الصوم، فيها عمق أكثر، وحرص أكثر، كتدريب وكتمهيد لكي تكون هذه المتعة بالله هي أسلوب الحياة كلها.
فنحن نصوم لأن الصوم يقربنا إلي الله.
الصوم فيه اعتكاف، والاعتكاف فرصة للصلاة والقراءة الروحية والتأمل. والصوم يساعد علي السهر وعلي والمطانيات. والسهر و والمطانيات مجال للصلاة. والصوم فيه ضبط للإرادة وانتصار علي الرغبات. وهذا يساعد علي التوبة التي هي الطريق إلي الله وإلي الصلح معه. ونحن نصوم وفي صومنا نتغذي علي كل كلمة تخرج من فم الله (مت 4). إذن من اجل محبة الله وعشرته، نحن نصوم.
نصوم، لأن الصوم يساعد علي الزهد في العالميات والموت عن الماديات. وهذا يقوينا علي الاستعداد للأبدي والالتصاق بالله. إن كان الصوم إذن هو أيام مخصصه لله وحده، وإن كنا نصوم من اجل الله ومحبته، فإن سؤالاً يطرح نفسه علينا وهو:
هل هناك اصوام غير مخصصه لله؟
نعم، قد توجد أصوام للبعض لا نصيب لله فيها. كإنسان يصوم ولا نصيب لله في حياته علي الرغم من صومه! يصوم وهو كما هو، بكل أخطائه، لم يتغير فيه شئ! أو يصوم كعادة، أو خوفاً من الإحراج لأجل سمعته كخادم. أو أن صيامه مجرد صوم جسداني كله علاقة بالجسد، ولا دخل للروح فيه! أو هو صوم لمجرد إظهار المهارة، والقدرة علي الامتناع عن الطعام. أو قد يكون صوماً عن الطعام، وفي نفس الوقت يمتع نفسه بشهوات أخري لا يقوي علي الامتناع عنها..!
يظن البعض أن الصوم مجرد علاقة بين الإنسان وبين الطعام، دون أن يكون الله طرفاً ثالثاً فيها.
كل اهتماماته في صومه هي هذه: ما هي فترة الانقطاع؟ متي يأكل؟ وكيف ينمو في أطاله فترة إنقطاعه؟ وماذا يأكل؟ وكيف يمنع نفسه عن أصناف معينه من الطعام؟ وكيف يطوي أياماً..؟ كأن الصوم بين طرفين( هو و الطعام أو هو والجسد)! دون أن يكون الله طرفاً في هذا الصوم بأيه صورة من الصور!! أحقاً هذا صوم؟! إن الصوم ليس هو مجرد تعامل مع الجسد بل هو تعامل مع الله. والصوم الذي لا يكون الله فيه، ليس هو صوماً علي الأطلاق.
نحن من أجل الله نأكل، ومن أجله نصوم.
من اجل الله نأكل، لكي ينال هذا الجسد قوة يستطيع بها أن يخدم الله، وأن يكون أميناً في واجباته تجاه الناس. ونحن من أجل الله نجوع لكي نخضع الجسد فلا يخطئ إلي الله. ولكن يكون الجسد تحت سيطرتنا، ولا نكون نحن تحت سيطرة الجسد، لكي لا تكون رغبات الجسد وشهواته هي قائدتنا في تصرفاتنا. وإنما نسلك حسب الروح ، من أجل محبتنا لله، وحفاظاً علي شركتنا مع روحه القدوس. أما فى غير ذلك فيكون الصوم مرفوضا من الله.
من كتاب روحانية الصوم لقداسة البابا شنودة الثالث | |
|